القائمة الرئيسية

الصفحات

تعزيز الهوية الوطنية والتنوع الثقافي...

لا شك أن الهوية حينما نتمسك بها، ونترجم قيمها ومبادئها إلى خطط عمل وبرامج حضارية، هي التي تصنع التطورات والأشكال المؤسسية الحديثة. ولا يمكننا بشكل من الأشكال أن نعتقد أن الأشكال المؤسسية الحديثة الخاضعة للتطور والتحول هي التي تخلق لنا هوية، فالهوية هي التي تصنع العمران الاجتماعي والحضاري، لذا نجد أن عمليات المسخ والتبديل الحضاري التي مارسها الاستعمار بحق الشعوب المستعمرة ذات التاريخ والحضارة، لم تؤدي إلى تخلي الشعوب عن هويتها. بل كان لتلك العمليات الخارجية الدور في تكريس الهوية في نفوس الناس وتشبثهم بها.
فوظيفة الهوية الأساس هي صيانة الكيان المجتمعي، بما يتناغم والمنطق العقدي والتاريخي لتلك الجماعة البشرية. وفي كل الحقب البشرية التي تعرضت الهوية فيها إلى تغييب أو ضمور للدور الذي تقوم به فإنه يحدث عدم استقرار نفسي واجتماعي لتلك الشعوب.وخلاصة القول إن الهوية هي صانعة التضامن بين أبناء المجتمع، وبها يسعى أبناء المجتمع جميعاً إلى تحصيل الكمالات الإنسانية، والدخول في غمار منافسة الأمم والشعوب على بلوغ سبل العلم والمدنية والحضارة. وأن التخلي عنها يورث المجتمع نمطاً من التقليد الأعمى لشعوب العام وطرائقهم في الحياة.

أولاً: مفاهيم التربية على المواطنة:

مفاهيم التربية على المواطنة كثيرة ومتنوعة وسوف نأخذ هنا المفاهيم العشرة التي ناقشها مكتب التربية العربي لدول الخليج من قبل ممثلي الدول الأعضاء وهي تعد نموذج لما سواها من مفاهيم ترتبط بالتربية على المواطنة.
الانتماءوهو شعور الفرد بالانتساب إلى المجموعة التي هو فرع عنها أو فرد فيها، وينشأ مع الطفل منذ علاقته المبكرة بوالديه، فأسرته فعائلته فمدرسته وحيه فوطنه وينتج عنه اخلاص وتضحية وعطاء على قدر الانتماء وفعاليته.
المشاركةالمشاركة في الحياة العامة هي مجموع الأنشطة التي يمارسها المواطن فردياً أو جماعياً ويحقق من خلالها المصلحة العامة، ويساهم في سن القوانين التي تضمن احترام حقوق الإنسان والمواطن.
المسؤوليةالتزام أخلاقي أو قانوني تجاه شخص أو كائن أو معنى عام، وجهد عملي للوفاء بذلك الالتزام، وشعور ذاتي بمحاسبة النفس على أداء الواجب في أكمل صورة قبل أن يحاسبه الآخرون.
الأمنالشعور بالراحة والاطمئنان، والاستقرار والسكينة مما لا يجعل للخوف مكاناً.
الاحترامقيمة حميدة يتميز بها الإنسان تحمله على أن يتعامل مع كل ما يحيط به بالتدير والعناية والالتزام، ويعبر عن نفسه تجاهها بشكل إيجابي.
الحقوق والواجباتقيمتان متلازمتان، تتجسدان في تعامل الفرد مع من حوله، فما يلتزم به نحوهم هي واجبات، وماله عليهم هي حقوق. التوازن بينهما ينعكس ايجاباً على الأسرة والمجتمع والوطن.
الوحدة الوطنيةاعتصام بالتكاتف والتآخي والجسد الواحد، وبعد عن الفرقة والتشتت، لبناء الوطن المشترك وصيانته وحمايته.
العدلهي عبارة عن الأمر المتوسط بين طرفي الأفراط والتفريط وهو عنصر أساي في ضمان استمرار الأنظمة ودوام قوام المجتمعات وازدهارها.
الالتزامالوفاء بالعقود والواجبات والأنظمة والأمانات.
الأمانةمراقبة الله فيما أسترعي، وفيما يسأل عنه، وتبرئة للذمة فيما أنيط به.

ويؤكد التربويين أن تعزيز قيم المواطنة لدى الطلبة تعد من أهم وسائل مواجهة التحديات المتلاحقة والمستجدات المتسارعة على المستوى الوطني والعالمي فالتقدم الحقيقي للوطن تصنعه عقول وسواعد المواطنين خصوصاً الشباب٫، ولذلك فإن إكسابهم قيم المواطنة يؤدي إلى مزيد من المشاركة الفعالة الإيجابية لهم في مختلف مجالات التنمية اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، وباعتبار أن المؤسسات التعليمية تشكل الحاضنة الأساسية لإعداد الطلاب وتأهيلهم وتدريبهم لانخراط بفاعلية في شئون وطنهم، لذا فعليها أن تتحمل مسؤوليتها في إرساء قيم المواطنة وممارستها وتنميتها من خلال ما تقدمه هذه المؤسسات من برامج وأنشطة وفعاليات تعليمية وتربوية.

ثانياً: دور المعلم في تعزيز قيم المواطنة:

تنمية قيم المواطنة تبعاً للأبعاد التالية:
1) البعد المعرفي: 
ويقصد به القدرات الفكرية والثقافية مثل: التفكير الناقد، التحليل، واتخاذ القرارات، وحل المشكلات وغيرها، حيث أن المواطن الذي يتمتع بقدرات كهذه يستطيع تمييز الأمور ويكون أكثر عقلانية ومنطقية فيما يقول ويفعل، وهذا يحتم على المعلم بعض الأدوار التي يجب عليه القيام بها لتعزيز قيم المواطنة لطلابه في هذا البعد:
· أن يعرف الناشئة بمؤسسات بلدهم، ومنظماته الحضارية.
· أن يغرس في نفوس طلابه أهمية العمل بروح الفريق الواحد داخل الفصل.
· يشكل مواطنين مطلعين وعميقي التفكير يتحلون بالمسؤولية، مدركين لحقوقهم وواجباتهم.
· يراعي التعددية الثقافية في تدريسه وتقويمه.

2) البعد المهاري: 
ويقصد به الممارسات التي يقوم بها الطلاب والتي من الممكن استثمارها من قبل المعلم بتطبيق ما تعلمه الطلاب من قيم المواطنة في المناسبات الوطنية والمشاركة في منظمات المجتمع الوطني. ومن الأدوار التي ينبغي أن يقوم بها المعلم في تنمية القيم وتعزيزها في البعد المهاري:
- تشجيع الطلاب على الاشتراك في منظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية في المجتمع المحلي.
- تشجيع الأنشطة الطلابية بالمدارس من خلال تنمية مشاعر الانتماء والولاء والاتحاد والتعاون لدى الطلاب.
- أن يرشد الطلاب إلى المحافظة على مرافق الوطن العامة، كالثروة المائية، والطرقات، والمنشآت العامة، ومؤسسات الدولة، باعتبارها ملك للجميع، كثروة وطنية.
- أن ينمي مهارات المشاركة والقيام بأنشطة إيجابية ومسؤولة من خلال البرامج والأنشطة المتنوعة الصفية وغير الصفية.

3) البعد الوجداني: 
ويعني حب المعلم لوطنه والإخلاص له، والتفاني في خدمته، والفخر بمقدراته. ولكي يعزز المعلم هذه القيم عليه أن يقوم بالأدوار التالية:
- يرسخ حب الوطن والانتماء إليه لدى الطلاب، حيث ينمي فيهم مشاعر الحب والولاء لهذا الوطن، ويحثهم على الحرص عليه والدفاع عنه ضد كل معتد أثيم.
- ينمي حب الوطن في نفوس طلابه بخدمته والعمل من أجل تقدمهم.
- يغرس حب المحافظة على أمن الوطن وسلامة ممتلكاته في إذهان طلابه.
- دمج الطلاب في مجتمعهم عن طريق زيارات منسقة للدوائر الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، وإيضاح أن الطالب جزء من هذا المجتمع الكبير له ماله من واجبات، وعليه ما عليه من حقوق.

ثالثاً: التنوع الثقافي:

أصبح التنوع الثقافي اليوم قاعدة من قواعد القانون الدولي ، وذلك استنادا إلى ميثاق الأمم المتحدة ، والعهود والاتفاقيات التي تحكم علاقات التعاون الثقافي بين المجموعة الدولية ، وليس في تنوع الهويات وتعدد الخصوصيات ما يتعارض وقضاء المصالح المشتركة بين الشعوب والأمم ، في إطار التعاون الإنساني القائم على قاعدتي التعارف والتعايش ، وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) ، أصدرت الإعلان العالمي للتنوع الثقافي في عام ٢٠٠١م لتعزيز التنوع الثقافي بين الشعوب وتعزيز دوره التنموي وإيجاد الحوار بين الثقافات المختلفة وقد كرس الإعلان المبادئ التالية:· التنوع الثقافي تراث البشرية المشترك وبالتالي يجب الحفاظ عليه.
· سلامة المجتمعات البشرية بالإضافة إلى حيويتها وانسجامها الداخلي مرتبطة بصيانة التنوع الثقافي فيما بينها.
· التنوع الثقافي من ركائز التنمية المستدامة.
ويمكن للمعلم تعزيز التنوع الثقافي في المواقف التعليمية المختلفة من خلال رفض العنف ضد الأديان والمعتقدات الإنسانية المختلفة، وتحقيق العدالة والمساواة بين جميع الطلاب بغض النظر عن مظاهر التمييز بينهم، تدريب المعلمين على استراتيجيات تدريسية تتناسب مع خلفيات المتعلمين الثقافية، تنمية ثقافة الحوار بين الطلاب وتصحيح الأفكار والمعتقدات عن الآخر، والمساهمة في تحقيق التماسك الوطني من خلال احترام التنوع الثقافي المحلي والدولي، تنمية مهارات التواصل الفعال ومهارات حل المشكلات والتعلم التعاوني وتحقيق النمو والتفاهم والتفاعل مع الشعوب الأخرى وخلق روح التسامح بين جميع المتعلمين.
المرجع:
 الشهري، فيصل.المساعد في اختبار الرخصة المهنية للمعلمين والمعلماتالدمام ، ١٤٤١هـ

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع