القائمة الرئيسية

الصفحات

الأساليب المستخدمة في تعديل السلوك (النمذجة)...


النمذجة:

تتصل النمذجة بالنظرية البنائية وتعد كأحد استراتيجياتها من خلال تركيزها على التعلم المواقفي (Situated Learning) والتعلم الاجتماعي، من خلال تكوين الخبرات التي تحدث التعلم، وهي الفلسفة القائمة عليها النظرية البنائية. ويؤكد (2000 ,Fulkert) على أهمية اندماج المتعلم في مواقف التعلم من خلال تهيئة المواقف المشابهة لتلك في البيئية الواقعية له. ويمكن أن يتحقق ذلك بسهولة من خلال النمذجة.
والنمذجة عبارة عن تعلم سلوك معين من خلال ملاحظة شخص يؤدى هذا السلوك ، كما يقصد بها أيضاً التعلم الناتج عن ملاحظة استجابات نموذج بشرى يتصف بمجموعة من الخصائص، حيث يعطى للأعضاء الفرصة لملاحظة تلك الاستجابات ثم يطلب منهم أداء نفس الاستجابات، التي قام بها النموذج على موقف أو مشكلة، ويستدل على أثار التعلم بالنموذج من خلال البعد الحادث في الاستجابات مثل عملية الملاحظة وبعدها .

مسميات التعلم بالنمذجة:

أطلق على عملية التعلم بالنمذجة العديد من الأسماء أو المصطلحات طبقاً لاختلاف الجانب الذي يركز عليه كل باحث ومن هذه المسميات:
أ) التعلم بالملاحظة Observational Learning:
ذلك حينما لا يقتصر الأثر الناجم علي مجرد المحاكاة الدقيقة بل يتعداه إلي اشتقاق القواعد والمبادئ، ففي كثير من الحالات يشتق الأفراد مباديء عامة للسلوك تسمح لهم بتجاوز ما يرونه ويسمعونه.
وهناك أربعة عناصر أساسية في موقف التعلم بالملاحظة وهي:
  • النموذج الذي يستعرض سلوكاً ما كالأم أو الأب أو المعلم.
  • السلوك الذي يستعرضه النموذج.
  • المقلد الذي يلاحظ سلوك النموذج.
  • نتائج السلوك عند كل من النموذج والملاحظ.
ب) التعلم الاجتماعي Social Learning:
ويستخدم هذا المفهوم حينما ينصب الاهتمام على أهمية الدور الذي يقوم به الأفراد في أثناء تفاعلهم مع بعضهم البعض في عملية التعلم أي أنه في حالة التعلم الاجتماعي يكون التركيز على العلاقات الشخصية المتبادلة بين الملاحظ والنموذج.

ج) التعلم بالتقليد Imitation Learning:
وفيه يتم نسخ السلوك وتقليده كما هو، و قد يلاحظ الطفل سلوكاً غير مرغوب ويقلده، لذا يجب أن يؤدي النموذج السلوك المطلوب تقليده وليس غيره. فالمتعلم بمجرد نجاحه في تقليد مهارة ما فإن هذه المهارة تصبح له ويستخدمها في أي غرض شاء ولا شك في أن كل مهارة يكتسبها الطفل إثراء لشعوره بالسيطرة على البيئة كما تزيد من شعوره بالكفاءة. 

د) التعلم بالقدوة Image Learning:
حيث يمكن من خلاله إحداث تغيرات سلوكية إيجابية وتتوقف فاعلية القدوة كأسلوب علاجي على شروط أهمها: وجود قدوة فعلية أو شخص يؤدى النموذج السلوكي المطلوب إتقانه أو من خلال قدوة رمزية عن طريق فيلم أو مجموعة صور مسلسلة على أن تعرض بطريقة تكشف عن خطوات أداء السلوك ذلك لأن المتعلم لكي يتقن أداء سلوك معين يجب أن يلاحظ جيداً تأدية هذا السلوك من قبل النموذج المعروض عليه من خلال مواقف فعلية (كما في حالة تعليم طفل صغير كيف يغسل وجهه مثلا بأداء ذلك أمامه أو حثه على هذا الأداء أو عرضه أمامه في مواقف ومشاهد رمزية).

هـ) التعلم التقمصى / التوحدي Identification Learning:
ذلك عندما يستطيع الملاحظ التوحد مع النموذج الذي يشاهده ويتقمص دوره ويؤديه كأنههو.وطبقاً لقوانين التعلم وطبقا لمبدأ التقمص الانفعالي فإن تكرار نفس انفعالات السلوك الطبيعي يؤدى إلى اكتساب الفرد أو المريض لتلك الصفة حيث أن التقمص الانفعالي يحدث تأثيراً ملحوظاً يتم دون شعور المريض، وبالتالي يكون التعلم عن طريق التوحد مع النموذج وسلوكه.

و) التعلم المتبادل / البديل Vicarious Learning:
أن مفهوم التعلم البديل يستخدم حينما لا يستطيع الملاحظ تحديد نوع السلوك فقط، ولكنه يستطيع تحديد ما يترتب عليه من نتائج ومن ثم تساعد نتائج السلوك في تحديد ما إذا كان الملاحظ سيقوم بتقليد هذا السلوك أم لا فهو يعتمد على خبرة مشاهدة وتفهم استجابة شخص آخر ونتائج هذه الاستجابة.

ز- التعلم بدون محاولة No - Trial Learning:
وفيه يعطى المتعلم الفرصة لأداء المطلب نفسه عقب ملاحظته النموذج من غير تدريب عملي ومن غير تعزيز للأداء.

ح- التعلم المشترك / التعاوني: Co- Learning:
وفيه يندمج النموذج والقائم بالملاحظة في مطلب التعلم نفسه مع تناوب الفرص للمشاهدة والأداء. ويتضح من العرض السابق لمسميات التعلم بالنمذجة أنها كلها تدور حول ملاحظة الشخص لسلوك الآخر ثم القيام بالسلوك الملاحظ أو بعضاً منه وهذا هو جوهر عملية النمذجة.

تصنيفات النمذجة:
يقسم (et al Huang. ٢٠٠٦) النماذج إلى أربعة أنواع هي:
(1) النماذج الخطية وهي بسيطة وتتسم بالترميز ولا تمثل فيها إلا المظاهر المرئية.
(٢) النماذج الرياضية، وفيها تستخدم المعادلات الرياضية لتركيبها.
(3) النماذج الهندسية وفيها يتم تصميم وتحليل وتصنيع المنتجات ذات الأبعاد.
(4) النماذج الجرافيك والفيديو، وفيها تمثيل مصور باستخدام الجرافيك أو الصور المتحركة أو الفوتوغرافية، والتي يمكن تكرار مشاهدتها بناء على رغبة المتعلم.

أشكال النمذجة:

أ- النمذجة الحية (المباشرة) Overt Modeling:
وفيها يقوم النموذج مباشرة بتأدية السلوكيات المستهدفة أمام الشخص الذي يراد تعليمه تلك السلوكيات.
ب- النمذجة الرمزية Symbolic Modeling أو المصورة Filmed:
وفيها يقوم المتعلم بمشاهدة سلوك النموذج من خلال الصور والأفلام.
ج- النمذجة المتخيلة أو الضمنية Covert Modeling:
في بعض الأحيان يصعب توفير نموذج حي أو رمزي لعرضه على الطالب الذي يعاني من مشكلة ما وفي هذه الحالة يمكن اللجوء إلى استخدام النمذجة المتخيلة. (الببلاوي وعبد الحميد، ويعتمد هذا الأسلوب على أن يتخيل المسترشد نماذج تقوم بالسلوكيات التي يرغب المرشد أن يقوم المسترشد بها ولأن النمذجة تركز أساسا على عرض معلومات تود أن توصلها للمسترشد لذلك فان دفع المسترشد إلى تصور تتابع أو سلسلة من الإحداث يمكن أن يؤدى نفس الآثار التي تؤديها النمذجة الصريحة.
د - النمذجة بالمشاركة Participant Modeling:

وفيها يقوم المتعلم بمراقبة نموذج حي أولا ثم يقوم بتأدية الاستجابة بمساعدة وتشجيع المعالج أو المعلم.

مراحل النمذجة:

تمر عملية النمذجة بثلاث خطوات أساسية :
١) تكوين النموذج (Model Formation):
وفيها يكون المتعلم نموذجا عقليا لما يتم تعليمه يحدد من خلاله الموضوع وأهداف وجميع التساؤلات حول كيفية تحقيق ما تصوره من أهداف ليبدأ بتكوين طريقة ذهنية لاستيراد المحتوى المعرفي.

٢) تمثيل النموذج (Model Representation):
وهنا يبدأ المتعلم بمحاكاة للنموذج العقلي الذي كونه في الخطوة الأولى ذلك من خلال ما يتوفر لديه من مجسمات ووسائل مادية.

٣) تطبيق النموذج (Model Application):
وفيه يبدأ المتعلم باستخدام النموذج للإجابة عن ما تبادر بذهنه من تساؤلات وعمل تطبيقات جديدة والتنبؤ بأحداث.

العوامل المؤثرة في فاعلية النمذجة:

هناك أربع عمليات تؤثر في عملية التعلم بالملاحظة (النمذجة ) تتعلق بالمتعلم أو الملاحظ وهي:
أ- عمليات الانتباه Attentional Processes:
إن الإيضاحات التي يقدمها النموذج للملاحظ ليست ذات قيمة تذكر إذا لم ينتبه الملاحظ إليها لذلك فإن علينا التأكد من أنه يتابع سلوك النموذج وهذا قد يتطلب التلقين بأشكاله المختلفة أحياناً، وقد يأخذ التلقين الشكل اللفظي (كأن نقول مثلا انظر ماذا سيحدث الآن ) أو قد يكون التلقين جسدياً كذلك يمكن تشجيع الملاحظ على الانتباه من خلال استخدام النماذج الجذابة وتقديم إيضاحات مختلفة لا إيضاح واحد. 

ب- عمليات الحفظ Retention processes:
يشير ذلك لمدي تمكن الطفل من تخزين المعلومات المنمذجة في الذاكرة للاستخدام اللاحق وتعتمد هذه العملية علي قدرة الطفل علي ترميز المعلومات بطريقة يسهل تذكرها أو تقليدها ذهنياً أو بدنياً. 

ج- عمليات الاستخراج الحركي: Motor Reproduction processes:
والعملية الثالثة في التعليم بالنمذجة هي العمليات الحركية فالمهارات لن تؤدى من خلال الملاحظة بمفردها ولا من خلال المحاولات والأخطاء ولكن تؤدى من خلال عملية الممارسة ثم القيام بعمل تغذية مرتدة لهذا الأداء لكي يتم علاج القصور في بعض جوانب السلوك وتكرر الممارسة حتى يتم التعلم.

د - عمليات الدافعية Motivational Processes:
التعلم لن يتم إلا إذا كان هناك باعث له، فالتعلم بالملاحظة قد يخلق توقعات للسلوك المخرج الذي قد يكون مؤثراً ولكن إذا لم يعتقد الشخص أن السلوك قد يؤدي إلى شيء ذي قيمة فلن يصدر منه أي سلوك فطبقاً لنظرية المعرفة الاجتماعية يمدنا التعزيز بالمعلومات الضرورية لتنمية توقعات السلوك الناجح الفعال، كما أن التعزيز يساعد في تسهيل عملية التعلم وتحسين أداء السلوك المتعلم وتحديد ما الذي يمكن للفرد أن يفعله أو لا يفعله.

المرجع: 

الشمري، عبيد محمد عبيد، القطان، هانى على سليمان، و الكندرى، خالد عبدالرحيم على. (2018). دور النمذجة التعليمية في تنمية مستوى مهارات الإبداع المهني لدى معلمي المرحلة الإبتدائية بدولة الكويت من وجهة نظرهم في ضوء بعض المتغيرات. مجلة التربية، ع180, ج1,2 ، 826 - 897. 

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع